أزمة إخوان بن كيران

أزمة إخوان بن كيران
0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ادريس شحتان
ما الذي يحدث اليوم داخل حزب العدالة والتنمية؟

سؤال جدير طرحه، فهذا هو الحزب الوحيد الذي بدا حتى وقت قريب سليم البنية، معافى الجسد، يقظ البال، موحد الصفوف.. تتجه إليه الأنظار مع كل استحقاق، يستقصي أخباره الصحفيون والمحللون يتتبعون خطب وتصريحات قيادته وأطره، وباقي الفرقاء يترقبون قراراته وبيانات أجهزته وردود أفعاله، من الدولة إلى الخصوم فالحلفاء..
لكن منذ إعفاء عبد الإله بن كيران من رئاسة الحكومة وتعيين خلفه سعد الدين العثماني، بدا أن هناك شيء ما فاسد، ليس في الدانمارك بطبيعة الحال، وإنما في مقر حي الليمون بالرباط قرب شارع “جان جوريس” حيث مقر إقامة رئيس الحكومة السابق.. بدأت تطفو الكثير من مشاكل الحزب الداخلية على السطح، لم تعد مفاهيم الأخوة الإسلامية والتسامح والجدل بالتي هي أحسن هي السائدة بين إخوان بن كيران.. وهذا وحده دليل على أن السياسة تدافع بين مصالح الناس على الأرض، وأنها مرتبطة بتنازع بنيات ومواقف ومصالح وأنانيات وطموحات مادية لا علاقة لها بما يقدمه الإخوان في العدالة والتنمية والحركات التي تكتسي لبوسات دينية..

ما الذي يحدث بالضبط وسط حزب العدالة والتنمية؟
حين عزم عبد الإله بن كيران الذهاب إلى العمرة، كان غيظه على أصدقائه في قيادة الحزب قد وصل “قنة” رأسه، لأنه اكتشف أن الدائرين به والمقربين منه ممن شاركهم جبالا من الطعام والملح، قد “عرقلوه” مع “الدورة” وقبل أن يرتد إليه طرفه، أعضاء من الأمانة العامة بدؤوا يتفاوضون لحسابهم الخاص ومن وراء ظهره، لترتيب مرحلة ما بعد إزاحة الزعيم، الذي لم يكن يصله إلا ما اتفق المتفاوضون على تقطيره أمامه.
اكتشفنا أن عبد الإله بن كيران لم يكن بذلك الذكاء السياسي الخارق الذي قدم به نفسه لنا، وأن العديد من “الصبية” الذين احتضنهم ونشؤوا في كفالته وتحت رعايته، ولولاه لما حلم أحد منهم بمقعد وزارة منحت له على طبق من ذهب، حتى ليخال أنها هبة إلهية أتته من السماء لشدة إيمانه.. وأن بعضهم لم يعد اليوم يطيق أن يجيب على هاتف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي فكر أكثر من مرة في الاعتزال سيرا على هدى ومسار سابقه عبد الرحمان اليوسفي.
أما الأطر غير المستوزرة والتي لم يحالفها الحظ في ركوب قطار الحكومة، فإنها تحولت إلى عناصر راديكالية، تطالب بالانسحاب من الحكومة والعودة إلى المعارضة، وتنادي بتقديم الاستقالة من النادي الحكومي، فيما باقي أتباع العدالة والتنمية “تلف ليهم البلان، وما بقاو شادين والو”، وما زاد الطين بلة، هو النسخة الباهتة لحكومة سعد الدين العثماني التي تبدو بلا رأس ولا رجل، بلا طعم ولا ذوق، رئيسها طبيب لطيف وظريف “وبس”، بلا كاريزما ولا قوة جاذبية، ولا يملأ مساحة واحدة فارغة منذ غياب الزعيم عن المشهد السياسي.
حميَ الصراع والشقاق بين الإخوة في الحزب الإسلامي، هناك من يطالب باستقالة بن كيران، وآخرون يطالبون بالعودة إلى المعارضة، وآخرون يحاولون أن يعالجوا أعراض المرض في الجسم التنظيمي لحزب “الإخوان” باستعمال الرقية، والصبر على الشدائد، ولم لا البحث عن تعليق كل المصائب الداخلية على مشجب شماعة خارجية جاهزة اسمها المخزن؟

هل يسير حزب العدالة والتنمية نحو الانشقاق؟
في الأمد المنظور لا يبدو ذلك، وليس من مصلحة البلاد إضعاف أي جهة سياسية، لكن ما يحدث داخل العدالة والتنمية يدل على نهاية الرهان على حزب إخوان بن كيران، وهذا يفسره ويفرضه السياق الكوني من جهة، ومن جهة أخرى فحراك الريف وعجز الحكومة السابقة واللاحقة في فك الانفجار الاجتماعي، نزع الثقة كليا في الوسائط السياسية وبينها حزب البيجيدي الذي يلزمه الكثير لإصلاح بيته الداخلي وعقلنة خطابه الإيديولوجي والتمسك بالواقعية، و”يقبط الصف مع خوتو” بدل نزعة التعالي التي ظل يبرزها قياديو هذا الحزب.. ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون. غير هذا ممكن أن تندثروا وهذا ما لا نرجوه… فاعتبروا رحمكم الله…!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.