مقدمة المؤلف
قال الشيخُ الحافظُ ، تقيُّ الدينِ : أبو محمد ، عبد الغني بن عبد الواحد بن على بن سرور المقدسي ، رحمه الله تعالى : الحمد للهِ الملكِ الجبارِ ، الواحدِ القهارِ ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لَهُ ، ربُّ السماواتِ والأرضِ وما بينهما العزيزُ الغفارُ ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ الأخيارِ .
أما بعدُ :
فإنَّ بعضَ إخواني سألني اختصارَ جُمْلَةٍ في أحاديث الأحكامِ ، مما اتفقَ عليهِ الإمامان ، أبو عبدِ الله محمدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ البُخاريُّ ، ومُسْلِمُ بنُ الحجاج بن مسلم القُشَيْرِيُّ النيْسَابُورِيُّ ، فأَجَبْتُهُ إلى سُؤَالِه ، رجاءَ المنْفَعَةِ به ، وأسأل الله أن ينفَعَنا به ، ومَنْ كَتَبَهُ ، أو سَمِعَهُ ، أو قرأه ، أو حَفِظَهُ ، أو نَظَرَ فيه ، وأن يَجْعَلَهُ خالصاً لوجْهِهِ الكريم ، موجِباً للفوز لَدَيْهِ في جناتِ النعيم ، فإنه حسبُنا وَنِعْمَ الوكيل .
كتاب الطهارة
1- عن عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول “إنما الأعمالُ بالنياتِ ـ وفي رواية بالنية ـ وإنما لكلِّ امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرتُهُ إلى اللهِ ورسولِهِ فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه ، ومن كانت هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها ، أو امرأةٍ يتزوجُها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه” .
2- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : “لا يقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكم إذا أحدثَ حتى يتوضأ” .
3- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بن العاص وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم ، قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ويلٌ للأعقابِ من النارِ” .
4- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : “إذا توضأ أحدُكم ، فَلْيَجْعَلْ في أنفه ماء ثم لْيَنْتَـثِرْ ، ومن استجمر فليوتِر ، وإذا استيقظ أحدُكم من نومِه فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبل أن يدخلَهُما في الإناءِ ثلاثاً ، فإن أحدَكم لا يدري أين باتت يدُهُ” .
وفي لفظ لمسلم : “فَلْيَسْتَنْشِقْ بمنخَرَيْه من الماء” .
وفي لفظ “من توضأ فَلْيَسْتَنْشِقْ” .
5- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : “لا يبولَن أحدُكم في الماءِ الدائمِ الذي لا يجري ، ثم يَغْتَسِل منه” .
ولمسلم : “لا يَغتسلْ أحدُكم في الماءِ الدائمِ وهو جُنُبٌ” .
6- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : “إذا شَرِبَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فَلْيَغْسِلْهُ سبعاً” .
ولمسلم “أولاهُنَّ بالترابِ” .
7- وله في حديث عبد الله بنِ مُغَفَّلٍ ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال “إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ ، فاغسلوه سبعاً ، وعَفِّروه الثامنةَ بالترابِ” .
8- عن حُمْرانَ ـ مولى عثمانَ بنِ عفانَ ـ رضي الله عنه ، أنه رأى عثمانَ رضي الله عنه دعا بوَضوءٍ ، فأَفرَغَ على يدَيْه من إنائِهِ ، فَغَسَلَهُما ثلاثَ مراتٍ ، ثم أدخلَ يمينَه في الوَضوءِ ، ثم تمضمضَ ، واستنشقَ ، واستـنـثرَ ، ثم غسل وَجْهَهُ ثلاثاً ، وَيَدَيْهِ إلى الـمِرْفَقَيْنِ ثلاثاً ، ثم مسح برأسِهِ ، ثم غسل كلتا رجْلَيْه ثلاثاً ، ثم قال : رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، توضأ نحوَ وُضوئي هذا ، وقال : “من توضأَ نحوَ وُضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسَه ، غَفَرَ اللهُ لَهُ ما تقدمَ من ذنبِهِ” .
9- عن عمرِو بنِ يحيى المازِنِـيِّ ، عن أبيه ، قال : شَهِدْتُ عَمْرَو بنَ أبي الحسن ، سأل عبدَ اللهِ بنَ زيدٍ عن وُضوءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا بِتَوْرٍ من ماء ، فتوضأ لهم وُضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأَكْفَأ على يَدَيْهِ من التَّوْر ، فغسل يَدَيْه ثلاثاً ، ثم أدخل يَدَهُ في التَّوْر ، فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً ، بثلاث غَرَفَات ، ثم أدخل يده في التَّوْر فَغَسَلَ وجْهَهُ ثلاثاً ، ثم أدخل يَدَيْهِ فغسلهما مرتين إلى المرفقين ، ثم أدخل يديْهِ فمسحَ بهما رأسَه ، فأقبلَ بهما وأدبرَ مرةً واحدةً ، ثم غَسَلَ رجْلَيْهِ .
وفي رواية : بدأ بِـمُقَدَّم رأسِه ، حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم رَدَّهُما حتى رجع إلي المكان الذي بدأ منه .
وفي رواية : أتانا رسولُ الله صلى الله وسلم ، فأخرجنا له ماءً في تَوْرٍ من صُفْر .
التَّوْر : شِبهُ الطَّسْتِ .
10- عن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، يُعجِبُه التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِه ، وتَرَجُّلِه ، وطُهورِه ، وفي شأنِه كلِّه .
11- عن نُعَيْم المُجْمِرِ ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “إن أمتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامة غُرّاً محجلين من آثار الوُضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيلَ غُرَّتَهُ فلْيَفْعَلْ” .
وفي لفظ لمسلم : رأيتُ أبا هريرةَ يتوضأ ، فغسل وجهَهُ ويَدَيْهِ ، حتى كاد يبلُغ الـمَنْكِبَيْن ، ثم غسل رجلَيْه حتى رَفَعَ إلى الساقين ، ثم قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : “إن أمتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامةِ ، غُرّاً مُحَجّلين من آثارِ الوُضوءِ” فمن استطاع منكم أن يطيلَ غُرَّتَهُ وتَحْجيلَهُ فَلْيَفْعَلْ .
وفي لفظ لمسلم : سمعتُ خليلي صلى اللهُ عليه وسلم ، يقول : “تَبْلُغُ الـحِلْيَةُ من المؤمنِ حيثُ يَبْلُغُ الوُضوءُ” .
باب دخول الخلاءِ والاستطابة
12- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضى الله عنه ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاءَ قال : “اللهم أني أعوذ بك من الخُبُثِ والخبائِث” .
13- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : “إذا أَتَيْتُم الغائطَ فلا تستقبلوا القبلةَ بغائطٍ ولا بوْلٍ ، ولا تستدبروها ، ولكن شَرِّقوا أو غَـرِّبوا” .
قال أبو أيوب : فقدمنا الشامَ ، فوجدنا مراحيضَ قد بُنيت نحو الكعبةِ ، فننحرف عنها، ونستغفرُ الله عز وجل .
14- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه ، قال : رَقِيتُ يوماً على بيتِ حفصةَ ، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقضِي حاجتَهُ ، مستقبلَ الشامَ ، مُسْتَدْبِـرَ الكعبةِ .
15- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه ، أنه قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، يدخلُ الخلاءَ ، فأحملُ أنا وغلامٌ نَـحْوِي إداؤةً من ماءٍ ، وعَـنَـزَةً ، فَيَسْتَنْجي بالماء .
العَنَزَةُ : الحَرْبَةُ الصغيرةُ .
والأداوة : إناء صغير من الجلد .
16- عن أبي قتادةَ الحارث بن رِبْعِـيّ الأنصاريِّ رضي الله عنه ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال : “لا يُمْسِكَنَّ أحدُكم ذكـرَه بيمينِه وَهُو يبولُ ، ولا يَتَمَسَّحْ من الخلاءِ بيمنِه ، ولا يتنفسْ في الإناءِ” .
17 – عن عبدِ الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما ، قال : مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبـرَيْن ، فقال : “إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما أحدُهما فكان لا يَسْتَتِرُ من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة” فأخذ جريدةً رَطْبَةً، فَشَقَّها نِصْفَيْنِ ، فغرز في كلِّ قبرٍ واحدةً ، فقالوا : يا رسولَ الله لِمَ فعلتَ هذا ؟ ، قال : “لعلَّه يُخفَّفُ عنهما ما لم يَـيْـبَسا” .
باب السِّوَاك
18- عن أبي هريرةَ رضي الله عنه ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : “لولا أن أشقَّ على أمتي ، لأمرتُهُمْ بالسِّواكِ عندَ كُلِّ صلاةٍ” .
19- عن حذيفةَ بن اليمانِ رضي الله عنهما ، قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليلِ ، يَشُوصُ فاهُ بالسِّواكِ.
20- عن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : دخل عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكر الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما ، على النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وأنا مُسْنِدَتُه إلى صدري ، ومع عبدِ الرحمنِ سواكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ به ، فأَبَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ ، فأخذت السِّواك فقَضمْتُهُ وَطَيَّبْتُه ، ثم دفعتُه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فاستن به ، فما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ استناناً قطُّ أحْسَنَ منه ، فما عدا أن فَرَغَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، رَفَعَ يدَه ـ أو إصْبَعَهُ ـ ثم قال : “في الرفيقِ الأعلى ـ ثلاثاً ـ” ثم قَضَى ، وكانت تقول : مات بين حاقِنَتي وذاقِنَتي” .
وفي لفظ : فرأيتُه ينظرُ إليه، وعَرَفْتُ أنه يُحِبُّ السِّواك، فقلت : آخُذُه لك؟ فأشار برأسه “أنْ نعم” هذا لفظ البخاريّ ، ولمسلمٍ نحوه .
21- عن أبي موسى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه ، قال : أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسِواكٍ رَطْب ، قال : وَطَرَفُ السِّواك على لسانِه ، وهو يقول : “أُع ، أُع” ، والسِّواكُ في فِيه ، كأنه يَتَهَوَّعْ .
باب المسح على الخفين
22- عن الـمُغيرَةِ بنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه ، قال : كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأهويْتُ لأنزِعَ خُفَّيْهِ ، فقال “دعهما ، فإني أدخلتُهُما طاهرتين” فمسح عليهما .
23- عن حذيفةَ بنِ اليَمان رضي الله عنهما ، قال : كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فبالَ ، وتوضأَ ، ومسح على خُفَّيْهِ . مختَصَراً .
باب في المذي وغيره
24- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه ، قال : كنتُ رجلاً مَذّاءً ، فاستحيَيْتُ أنْ أسألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، لمكان ابنتِه مني ، فأمرتُ المقدادَ بنَ الأسودِ ، فَسَأَلَهُ ، فقال : “يَغْسِلُ ذكـرَه ويتوضأُ” .
وللبخاري : ” اغسل ذكرك ، وتوضأ ” .
ولمسلم : “توضأ ، وانْضَحْ فَرْجَكَ” .
25- عن عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ ، عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ المازِنيِّ رضي الله عنه ، قال : شـُكِيَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، الرجلُ يُخَيّلُ إليه أنه يجدُ الشيءَ في الصلاة ، فقال : ” لا ينصرفْ ، حتى يَسمَعَ صوتاً أو يَجِدَ ريحاً” .
26- وعن أمِّ قيسٍ بنتِ مِحْصَنٍ الأَسَدِيَّةِ “أنها أتتْ بابنٍ لها صغيرٍ ، لم يأكلِ الطعامَ ، إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسَهُ في حِجرِهِ ، فبال على ثوبِه ، فدعا بماء فنَضَحَهُ على ثَوْبِهِ ، ولم يَغْسِلْهُ .
27- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنه ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أُتـِيَ بصبيٍّ ، فبالَ على ثوبِهِ ، فدعا بماءٍ ، فأَتْـبَعَهُ إياهُ .
ولمسلم : فَأَتْبَعَهُ بَوْلَه ، ولم يَغْسِلْهُ .
28- عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه ، قال : جاء أَعْرابيٌ فبال في طائِفَةِ المسجدِ ، فَزَجَرَهُ الناسُ ، فنهاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى بولَهُ ، أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، بِذَنُوبٍ من ماءٍ فأُهْريقَ عليه .
29- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، يقولُ : “الفطرةُ خمسٌ ، الخِتانُ ، والاسْتِحْدادُ ، وقصُّ الشاربِ ، وتَقْلِيمُ الأَظْفارِ ، ونَتْفُ الإِبِطِ” .
باب الغُسْل من الجنابة
30- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَـقِـيَهُ في بعض طرق المدينة وهو جُنُبٌ ، قال : فانْـخَنَسْتُ منه ، فذهبتُ فاغتسلتُ ، ثم جئتُ ، فقال : “أين كنتَ يا أبا هريرةَ” ؟ قال : كنتُ جُنُباً ، فكرهتُ أن أجالسَكَ ، وأنا على غيرِ طهارةٍ ، فقال : “سبحانَ الله ! إنَّ المسلمَ ـ وفي رواية ، المؤمنَ ـ لا يَنْجُسُ” .
31- عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة ، غَسَلَ يديه ثم توضأ وُضُوءَه للصلاة ، ثم يغتسلُ ، ثم يخللُ بـيديه شعرَهُ ، حتى إذا ظن أنه قد أَرْوَى بَشَرَتَهُ ، أفاض عليه الماءَ ، ثلاثَ مراتٍ ، ثم غَسَلَ سائِرَ جَسَدِهِ .
وكانت تقول : كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، من إناءٍ واحدٍ ، نـغـترف منه جميعاً .
32- عن ميمونةَ بنتِ الحارثِ رضي الله عنها ـ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ أنها قالت : وَضَعْتُ لرسولِ الله صلى الله عليه وَضُوءَ الجنابةِ، فأكْفَأَ بيميـنِه على يسارِهِ مرتين ـ أو ثلاثاًـ ثم غسل فرجَه ثم ضرب يده بالأرض ، أو الحائِطِ ، مرتين ـ أو ثلاثاً ـ ثم تمضمض واستنشق وغَسَلَ وجْهَهُ وذارعَيْهِ ، ثم أفاض على رأسِهِ الماءَ ، ثم غسل سائِرَ جَسَدِهِ ، ثم تَـنَحّى فَغَسَلَ رِجْلَيْه ، قالت : فأتَـيْـتُهُ بِـخِرْقَةٍ فلم يُرِدْها ، فجعل يَنْفُضُ الماء بيدَيْه .
33- عن عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما ، أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ قال :يا رسولَ الله أيرقُدُ أحدُنا وهو جُنُبٌ ؟ قال : “نعم ، إذا توضأ أحدُكم ، فَلْيَرقُدْ وهو جنب” .
34- عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها ـ زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ قالت : جاءت أمُّ سُلَيْمٍ ـ امرأةُ أبي طلحةَ ـ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسولَ الله ، إنَّ اللهَ لا يسْتَحْيِي من الحقِّ ، فهل على المرأةِ من غُسْلٍ إذا هي احتَلَمَتْ ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : “نعم ، إذا رأتِ الماءَ” .
35- عن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : كنتُ أغسِلُ الجنابةَ من ثوبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فيخرجُ إلى الصلاةِ ، وإنّ بُقَعَ الماءِ في ثوبِهِ .
وفي لفظ لمسلمٍ : لقد كنتُ أَفرُكُهُ من ثوبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَرْكاً ، فيصلِّي فيه .
36- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : “إذا جلس بين شُعَبِها الأربعِ ، ثم جَهَدَها ، فقد وَجَبَ الغُسْلُ” .
وفي لفظ لمسلم : “وإن لمْ يُنْزِلْ” .
37- عن أبي جعفرٍ محمدِ بنِ عليِّ بنِ الحسين بنِ عليِّ رضي الله عنهما ، أنه كان هو وأبوه عند جابرِ بنِ عبدِ الله ، وعندَه قومٌ ، فسألوه عن الغُسْلِ ، فقال : يكفيك صاعٌ ، فقال رجلٌ : ما يكفيني ، فقال جابر : كان يكفي من هو أَوْفَى منك شعراً ، وخيرٌ منك ـ يريدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ـ ثم أمَّنا في ثوبٍ .
وفي لفظ : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْرِغُ الماءَ على رأسِهِ ثلاثاً .
قال رضي الله عنه : الرجل الذي قال : ما يكفيني ، هو الحسنُ بنُ محمدِ بن عليِّ بنِ أبي طالبٍ ، وأبوه محمدُ بنُ الحنيفة .
باب التيمم
38- عن عِمْران بنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً معتزلاً ، لمْ يصلِّ في القومِ ، فقال : “يا فلانُ ، ما منعك أن تصلِّيَ في القوم” ؟ فقال : يا رسولَ الله أصابَتْني جنابةٌ ، ولا ماءَ ، فقال : “عليك بالصَّعيدِ ، فإنه يَكْفِيكَ” .
39- عن عمارِ بنِ ياسرٍ رضي الله عنهما ، قال : بعثني النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حاجة ، فأجْنَبْتُ ، فلم أَجِدِ الماءَ ، فَتَمَرَّغْتُ في الصعيدِ ، كما تمَرَّغُ الدابةُ ، ثم أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فذكرتُ ذلك له ، فقال : “إنما كان يكفيك أن تقولَ بيَدَيْكَ هكذا” ثم ضرب بِيَدَيْهِ الأرضَ ضَرْبَةً واحدةً ، ثم مَسَحَ الشِّمالَ على اليمينِ ، وظاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ .
40- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رضي الله عنهما ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : “أُعْطِيتُ خمساً ، لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ من الأنبياءِ قَبْلي ، نُصِرتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شهرٍ ، وجُعِلَتْ لِـيَ الأرضُ مسجداً وطَهوراً ، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أَدْرَكَتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَلِّ ، وأُحِلَّت لِـيَ الغنائِمُ ، ولم تَـحِلَّ لأحدٍ قَبْلي ، وأعطيتُ الشفاعَةَ ، وكان النبيُّ يُـبْعَثُ إلى قومِه خاصَّةً ، وبعـثتُ إلى الناسِ عامَّةً” .
باب الحيض
41- عن عائشةَ رضي الله عنها ، أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيْشٍ ، سَأَلَتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني أُسْتَحاضُ فلا أَطْهُرُ ، أفأدعُ الصلاةَ ؟ قال : “لا ، إنّ ذلكَ عِرْقٌ ، ولكن دَعِي الصلاةَ قدْرَ الأيامِ التي كنتِ تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي” .
وفي رواية : “وليس بالحيضةِ ، فإذا أَقْبَلَتِ الحيضَةُ ، فاتركي الصلاةَ فيها ، فإذا ذهب قَدْرُها ، فاغسلي عنكِ الدمَ ، وصلي” .
42- عن عائشةَ رضي الله عنها ، أنَّ أمَّ حبيبةَ اسْتُحيضت سبعَ سنين ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ ، فأمرَها أن تغتسلَ ، قالت : فكانت تغتسلُ لكلِّ صلاةٍ .
43- عن عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : كنتُ أغتسلُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ كلانا جُنُبٌ ، وكان يأمُرُني فَأَتَّزِر ، فيباشرُني وأنا حائضٌ ، وكان يُخْرِجُ رأسَه إليَّ ، وهوَ معتكفٌ ، فأغسِلُه وأنا حائضٌ .
44- عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَّكِـئُ في حِجْري وأنا حائضٌ ، فيقرأُ القرآنَ .
45- عن معاذةَ بنتِ عبدِ اللهِ قالت : سألتُ عائشةَ رضي الله عنها ، فقلتُ : ما بالُ الحائضِ تقضي الصومَ ، ولا تقضي الصلاةَ ؟ فقالت : أَحَرُورِيَّةٌ أنتِ ، فقلت : لستُ بحرُورِيَّةٍ ، ولكني أسألُ ، فقالت : كان يصيبُنا ذلك ، فنُؤمَر بقضاءِ الصومِ ، ولا نؤمر بقضاءِ الصلاةِ .