بين الحسرة و الفخر .. توجد الصّحراء !

بحسرة و فخر شديدين أكتب كلماتي هاته !
0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عبد الكريم عزوز

حسرة شعب لم تشلّه معاناته الإجتماعية كالفقر و التّهميش و البطالة و غيرها، فلا الفقر يطغى على وطنيتنا و لا مشاكلنا السياسية الدّاخلية ولا همومنا اليومية قادرة على ردع إرادة شعب بأكمله، لا شيئ وقف في طريق المغاربة و لا شيئ في إمكانه الحلول دون النّزول لشوارع العاصمة للتّنديد بتصريحات “بان كي مون” الغير حيادية و التي لا تمتّ للواقعية بصلة.

و لفهم أعمق للمشكل، علينا تحليل المعطيات التّاريخية أوّلا بأوّل، و بالرّجوع للتّاريخ فإنّنا نستنتج أنّ الصّحراء الغربية، و أقول الغربية دلالة على حقّنا تاريخيا و جغرافيا في الصّحراء بشقّيها الشّرقي و الغربي، و ليس فقط الغربي منها.

و من لم تسعه هذه الفكرة، فما عليه سوى الرّجوع للخرائط التّاريخية لمعرفة الإمتداد الجغرافي لبلدنا و كذا الرّجوع للوثائق التّاريخية المتوفّرة لدى العديد من الموثّقين الأجانب و المغاربة و التي تُعرّف فيها الصّحراء كجزء لا يتجزّأ من سيادة المملكة المغربية.

أمّا من يتابع الأمور السّياسية عن كثب، فله اليقين بأنّ منظّمة الأمم المتّحدة ليست في الحقيقة كما تُعرّف نفسها، أي أنّها ليست بتلك المؤسسة الأممية البريئة التي تتدخّل لحلّ مشاكل الشّعوب و الحلول دون الوصول للحروب و الإقتتالات، و لا هي تلك المنظّمة الحاملة لهموم الإنسان بكافة أطيافه و أديانه و جنسياته، و الدّليل القاطع الذي يُثمّن كلامي هذا هو عجزها على النّزاعات في العديد من مناطق العالم على اختلاف حدّة تلك النّزاعات، و ذلك طيلة عقود من الزّمن.

من يعي جيّداً التخبّطات السياسية و النّزاعات الحاصلة في يومنا هذا عبر العالم، له اليقين أنّ تصريحات أعلى مسؤول أممي ليست مجرّد زلة لسان و لا هي هفوة في الحديث، بل على العكس من ذلك، هي مقصودة تماماً لأنّ استقبال الوفد الأممي المرافق لبان كي مون بحفاوة في أراضٍ متنازع عليها و ابتزازه للدّفع به للتّخلي عن حيادية الأمم المتّحدة حول قضية الصّحراء و التي تُثمنها توصيات مجلس الأمن الدّاعمة لحل الحكم الذاتي المقترح من طرف المملكة المغربية، يُعدّ خرقا غير معهود في نظام الديبلوماسية العالمية، و بذلك يفتح الّرجل الأوّل في الأمم المتّحدة هذا الباب لكلّ جماعة أو منظّمة متطرّفة و متأرهبة و انفصالية من أجل العمل على تقسيم بلدان العالم، من يعلم ؟ قد تكون في نيّته تحويل العالم لآلاف من البلدان المتقاسمة و المُتفرّقة !

بعد تحليلنا للواقع التّاريخي و بعد جردنا لعثرات منظمة الأمم المتّحدة و رجالاتها المعتوهين، نستنبط أنّ الكرة الآن أصبحت في ملعبنا و بين أرجلنا، و الخطوة المقبلة التي ننتظرها من وطننا هذا حكومة و شعباً هي التّوعية الجدّية و الهيكلة الصّحيحة لديبلوماسيتنا الفاشلة النّائمة و لما لا إعادة هيكلة المنظومة التعليمية في شقّها الجامعي بإعادة النّظر في الشّعب التي تمكّن الطلاّب من بناء مسار سياسي ديبلوماسي على أعلى مستوى، و ذلك بشكل سريع بغية الشّروع في ترميم أسوار الديبلوماسية التّي لم تتمكّن طيلة أربعة عقود من تسويق القضية الوطنية على نطاق واسع يشمل كل المحافل و المننديات و اللقاءات العالمية.

كتبت بحسرة كل ما قرأتموه سلفاً، و الآن حان دور الفخر ليتباهى بين أسطري هاته، فخري الشّديد و فرحتي العارمة يوم أمس لم يكونا بسبب نغزة الوطنية التّي تشدّنا جميعا لوطننا رغم سخطنا عليه، و لا بسبب “التّمراق” العلني الذي قام به الشّعب حسب تعبير الكثيرين، و لا بسبب التفاف المعارضة و الحكومة “السّخيف” حول قضيّتنا الأولى، و لا بسبب إحساسي باستفزاز من قبل من سمّوه المغاربة “بوكيمون” .. كلّ الفخر تولّد عندي من زاوية الوعي المشهود له بين الشّباب في الآونة الأخيرة و الذي ظهر جليّا بعد هذا الحدث المفاجئ، رغم اختلاف الآراء حول صلاحية الوقفة و مدى نجاعتها إلاّ أنني فوجئت بنقاشات جادّة لطالما افتقدتها السّاحة المعرفية في وطني التّعيس لسنوات طوال.

مثل هاد النقاشات هي أكبر ربح لينا كمجتمع و ككيان !

فعلا، سياسة التّلميع الخاوي و الخطابات العوراء ما نفعتنا بوالو، و جا الوقت باش نقلبو اللّعب و ندوزو للفعل، و الفعل هو أوّلا و قبل كل شيئ “توعية الشّباب و الأخد بيده” و من هاد التوعية غادنبثق عدة أمور إيجابية !

و الأهمّ من ذلك، ما باغيش نشوف ولاّ نسمع عاد شي نقد -واخا حنا شعب الكريتيك- كيف ما كان النّوع ديالو، دابا باغيين كلشي يوعى بالقضية، اللي قاري يفهّم اللي ما قاريش، و اللي ما فراسوش يوصلّوا الخبر و يوعى حتى هو، حيت إذا بدينا بالقضية الجوهرية ديال هاد الأمة و نجحنا، غانكونو قطعنا مسافة طويلة في طريق الوعي المجتمعي، ببساطة، إذا داك النهار نزلوا ثلاثة مليون مغربي لشوارع العاصمة، راه غدا  ولاّ بعد غدا، ينزلوا خمسة و عشرة و عشرين على قضايا مجتمعية حساسة هي الأخرى.

تقدر تقول مع راسك باللّي هذا حلم، و لكن إذا فكّرتي مزيان غتلقا الدّولة تعلّمت درس مهم من بعد الصّفعة ديال “البوكيمون”، واللّي هو : عظمة الدول، لا تأتي باقتصاداتها ولا بجيشها ولا بسياستها، بل بشعوبها !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.